فصل: تفسير الآية رقم (7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنوار التنزيل وأسرار التأويل المشهور بـ «تفسير البيضاوي»



.تفسير الآية رقم (105):

{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)}
{أُوْلَئِكَ الذين كَفَرُواْ بئايات رَبّهِمْ} بالقرآن أو بدلائله المنصوبة على التوحيد والنبوة. {وَلِقَائِهِ} بالبعث على ما هو عليه أو لقاء عذابه. {فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} بكفرهم فلا يثابون عليها. {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القيامة وَزْناً} فنزدري بهم ولا نجعل لهم مقداراً واعتباراً، أو لا نضع لهم ميزاناً يوزن به أعمالهم لانحباطها.

.تفسير الآية رقم (106):

{ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)}
{ذلك} أي الأمر ذلك وقوله: {جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ} جملة مبينة له ويجوز أن يكون {ذلك} مبتدأ والجملة خبره والعائد محذوف أي جزاؤهم به، أو جزاؤهم بدله و{جَهَنَّمَ} خبره أو {جَزَآؤُهُمْ} خبره و{جَهَنَّمَ} عطف بيان للخبر. {بِمَا كَفَرُواْ واتخذوا ءاياتى وَرُسُلِى هُزُواً} أي بسبب ذلك.

.تفسير الآية رقم (107):

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)}
{إِنَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كَانَتْ لَهُمْ جنات الفردوس نُزُلاً} فيما سبق من حكم الله ووعده، و{الفردوس} أعلى درجات الجنة، وأصله البستان الذي يجمع الكرم والنخل.

.تفسير الآية رقم (108):

{خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)}
{خالدين فِيهَا} حال مقدرة. {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} تحولاً إذ لا يجدون أطيب منها حتى تنازعهم إليه أنفسهم، ويجوز أن يراد به تأكيد الخلود.

.تفسير الآية رقم (109):

{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)}
{قُل لَّوْ كَانَ البحر مِدَاداً} ما يكتب به، وهو اسم ما يمد الشيء كالحبر للدواة والسليط للسراج. {لكلمات رَبّى} لكلمات علمه وحكمته. {لَنَفِدَ البحر} لنفد جنس البحر بأمره لأن كل جسم متناه. {قَبْلَ أَن تَنفَدَ كلمات رَبّى} فإنها غير متناهية لا تنفد كعلمه، وقرأ حمزة والكسائي بالياء. {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ} بمثل البحر الموجود. {مَدَداً} زيادة ومعونة، لأن مجموع المتناهين متناه بل مجموع ما يدخل في الوجود من الأجسام لا يكون إلا متناهياً للدلائل القاطعة على تناهي الأبعاد، والمتناهي ينفد قبل أن ينفد غير المتناهي لا محالة. وقرئ: {ينفد} بالياء و{مَدَداً} بكسر الميم جمع مدة وهي ما يستمده الكاتب ومداداً. وسبب نزولها أن اليهود قالوا في كتابكم {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا} وتقرؤون: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}.

.تفسير الآية رقم (110):

{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}
{قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ} لا أدعي الإِحاطة على كلماته. {يوحى إِلَىَّ أَنَّمَا إلهكم إله وَاحِدٌ} وإنما تميزت عنكم بذلك. {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّهِ} يؤمل حسن لقائه أو يخاف سوء لقائه. {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالحا} يرتضيه الله. {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا} بأن يرائيه أو يطلب منه أجراً. روي أن جندب بن زهير قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعمل العمل لله فإذا أطلع عليه سرني فقال: «إن الله لا يقبل ما شورك فيه» فنزلت تصديقاً له وعنه عليه الصلاة والسلام: «اتقوا الشرك الأصغر» قالوا وما الشرك الأصغر قال: «الرياء» والآية جامعة لخلاصتي العلم والعمل وهما التوحيد والإِخلاص في الطاعة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأها عند مضجعه كان له نوراً في مضجعه يتلألأ إلى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم، فإن كان مضجعه بمكة كان له نوراً يتلألأ من مضجعه إلى البيت المعمور حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ» وعنه عليه الصلاة والسلام: «من قرأ سورة الكهف من آخرها كانت له نوراً من قرنه إلى قدمه، ومن قرأها كلها كانت له نوراً من الأرض إلى السماء».

.سورة مريم:

مكية إلا آية السجدة، وهي ثمان أو تسع وتسعون آية.

.تفسير الآية رقم (1):

{كهيعص (1)}
{كهيعص} أمال أبو عمرو الهاء لأن ألفات أسماء التهجي ياءات وابن عامر وحمزة الياء، والكسائي وأبو بكر كليهما، ونافع بين بين ونافع وابن كثير وعاصم يظهرون دال الهجاء عند الذال، والباقون يدغمونها.

.تفسير الآية رقم (2):

{ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)}
{ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ} خبر ما قبله إن أول السورة أو بالقرآن، فإنه مشتمل عليه أو خبر محذوف أي: هذا المتلو {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبّكَ}، أو مبتدأ حذف خبره أي فيما يتلى عليك ذكرها، وقرئ: {ذِكْرُ رَحْمَةِ} على الماضي و{ذكر} على الأمر. {عَبْدَهُ} مفعول الرحمة أو الذكر على أن الرحمة فاعله على الاتساع كقولك: ذكرني جود زيد. {زَكَرِيَّا} بدل منه أو عطف بيان له.

.تفسير الآية رقم (3):

{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)}
{إِذْ نادى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً} لأن الإِخفاء والجهر عند الله سيان، والإِخفاء أشد إخباتاً وأكثر إخلاصاً أو لئلا يلام على طلب الولد في إبان الكبر، أو لئلا يطلع عليه مواليه الذين خافهم، أو لأن ضعف الهرم أخفى صوته. واختلف في سنه حينئذ فقيل ستون، وقيل سبعون، وقيل خمس وسبعون، وقيل خمس وثمانون، وقيل تسع وتسعون.

.تفسير الآية رقم (4):

{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)}
{قَالَ رَبِّ إِنّى وَهَنَ العظم مِنّى} تفسير للنداء والوهن الضعف، وتخصيص العظم لأنه دعامة البدن وأصل بنائه ولأنه أصلب ما فيه، فإذا وهن كان ما وراءه أوهن وتوحيده لأن المراد به الجنس، وقرئ و{هن} و{وهن} بالضم والكسر ونظيره كمل بالحركات الثلاث. {واشتعل الرأس شَيْباً} شبه الشيب في بياضه وإنارته بشواظ النار وانتشاره وفشوه في الشعر باشتعالها، ثم أخرجه مخرج الاستعارة وأسند الاشتعال إلى الرأس الذي هو مكان الشيب مبالغة، وجعله مميزاً إيضاحاً للمقصود، واكتفى باللام على الإِضافة للدلالة على أن علم المخاطب بتعين المراد يغني عن التقييد. {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً} بل كلما دعوتك استجبت لي وهو توسل بما سلف معه من الاستجابة، وتنبيه على أن المدعو له وإن لم يكن معتاداً فإجابته معتادة، وأنه تعالى عوده بالإِجابة وأطمعه فيها، ومن حق الكريم أن لا يخيب من أطمعه.

.تفسير الآية رقم (5):

{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5)}
{وَإِنِّي خِفْتُ الموالى} يعني بني عمه وكانوا أشرار بني إسرائيل، فخاف أن لا يحسنوا خلافته على أمته ويبدلوا عليهم دينهم. {مِن وَرَائِى} بعد موتي، وعن ابن كثير بالمد والقصر بفتح الياء وهو يتعلق بمحذوف، أو بمعنى {الموالى} أي خفت فعل الموالي من ورائي، أو الذين يلون الأمر من ورائي. وقرئ: {خفت الموالي من ورائي} أي قلوا وعجزوا عن إقامة الدين بعدي، أو خفوا ودرجوا قدامي، فعلى هذا كان الظرف متعلقاً ب {خِفْتُ}. {وَكَانَتِ امرأتى عَاقِرًا} لا تلد. {فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ} فإن مثله لا يرجى إلا من فضلك وكمال قدرتك، فإني وامرأتي لا نصلح للولادة. {وَلِيّاً} من صلبي.

.تفسير الآية رقم (6):

{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}
{يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ} صفتان له وجزمهما أبو عمرو والكسائي على أنهما جواب الدعاء، والمراد وراثة الشرع والعلم فإن الأنبياء لا يورثون المال. وقيل يرثني الحبورة فإنه كان حبراً، ويرث من آل يعقوب الملك، وهو يعقوب بن إسحاق عليهما الصلاة والسلام. وقيل يعقوب كان أخا زكريا أو عمران بن ماثان من نسل سليمان عليه السلام. وقرئ: {يرثني وارث آل يعقوب} على الحال من أحد الضميرين، وأو {يرث} بالتصغير لصغره، ووارث من آل يعقوب على أنه فاعل {يَرِثُنِى} وهذا يسمى التجريد في علم البيان لأنه جرد عن المذكور أولاً مع أنه المراد. {واجعله رَبِّ رَضِيّاً} ترضاه قولاً وعملاً.

.تفسير الآية رقم (7):

{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)}
{يازكريا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بغلام اسمه يحيى} جواب لندائه ووعد بإجابة دعائه وإنما تولى تسميته تشريفاً له. {لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً} لم يسم أحد بيحيى قبله، وهو شاهد بأن التسمية بالأسامي الغريبة تنويه للمسمى. وقيل سمياً شبيهاً كقوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} لأن المتماثلين يتشاركان في الاسم، والأظهر أنه أعجمي وإن كان عربياً فمنقول عن فعل كيعيش ويعمل. وقيل سمي به لأنه حيي به رحم أمه، أو لأن دين الله حيي بدعوته.

.تفسير الآيات (8- 15):

{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)}
{قَالَ رَبِّ أنى يَكُونُ لِى غلام وَكَانَتِ امرأتى عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً} جساوة وقحولاً في المفاصل، وأصله عتو وكقعود فاستثقلوا توالي الضمتين والواوين فكسروا التاء فانقلبت الواو الأولى ياء، ثم قلبت الثانية وأدغمت وقرأ حمزة والكسائي وحفص {عِتِيّاً} بالكسر، وإنما استعجب الولد من شيخ فان وعجوز عاقر اعترافاً بأن المؤثر فيه كمال قدرته وأن الوسائط عند التحقيق ملغاة ولذلك: {قَالَ} أي الله تعالى أو الملك المبلغ للبشارة تصديقاً له. {كذلك} الأمر كذلك، ويجوز أن تكون الكاف منصوبة ب {قَالَ} في: {قَالَ رَبُّكَ} وذلك إشارة إلى مبهم يفسره. {هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ} ويؤيد الأول قراءة من قرأ {وَهُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ} أي الأمر كما قلت، أو كما وعدت وهو على ذلك يهون علي، أو كما وعدت وهو عليّ هين لا أحتاج فيما أريد أن أفعله إلى الأسباب، ومفعول قال الثاني محذوف. {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} بل كنت معدوماً صرفاً، وفيه دليل على أن المعدوم ليس بشيء، وقرأ حمزة والكسائي {وقد خلقناك}.
{قَالَ رَبِّ اجعل لِّى ءَايَةً} علامة أعلم بها وقوع ما بشرتني به. {قَالَ ءايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} سَوِيُّ الخَلْقِ ما بك من خرس ولا بكم، وإنما ذكر الليالي هنا والأيام في (آل عمران) للدلالة على أنه استمر عليه المنع من كلام الناس والتجرد للذكر والشكر ثلاثة أيام ولياليهن.
{فَخَرَجَ على قَوْمِهِ مِنَ المحراب} من المصلى أو من الغرفة. {فأوحى إِلَيْهِمْ} فأومأ إليهم لقوله: {إِلاَّ رَمْزًا}. وقيل كتب لهم على الأرض. {أَن سَبِّحُواْ} صلوا أو نزهوا ربكم. {بُكْرَةً وَعَشِيّاً} طرفي النهار، ولعله كان مأموراً بأن يسبح ويأمر قومه بأن يوافقوه، و{أَن} تحتمل أن تكون مصدرية وأن تكون مفسرة.
{يَا يحيى} على تقدير القول. {خُذِ الكتاب} التوراة. {بِقُوَّةٍ} بجد واستظهار بالتوفيق. {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً} يعني الحكمة وفهم التوراة، وقيل النبوة أحكم الله عقله في صباه واستنبأه.
{وَحَنَانًا مّن لَّدُنَّا} ورحمة منا عليه أو رحمة وتعطفاً في قلبه على أبوييه وغيرهما عطف على الحكم. {وزكواة} وطهارة من الذنوب أو صدقة أي تصدق الله به على أبويه، أو مكنه ووفقه للتصديق على الناس. {وَكَانَ تَقِيّا} مطيعاً متجنباً عن المعاصي.
{وَبَرّاً بوالديه} وباراً بهما. {وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} عاقاً أو عاصي ربه.
{وسلام عَلَيْهِ} من الله. {يَوْمَ وُلِدَ} من أن يناله الشيطان بما ينال به بني آدم. {وَيَوْمَ يَمُوتُ} من عذاب القبر. {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً} من عذاب النار وهو القيامة.

.تفسير الآية رقم (16):

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)}
{واذكر في الكتاب} في القرآن. {مَرْيَمَ} يعني قصتها. {إِذِ انتبذت} اعتزلت، بدل من {مَرْيَمَ} بدل الاشتمال لأن الأحيان مشتملة على ما فيها، أو بدل الكل لأن المراد ب {مَرْيَمَ} قصتها وبالظرف الأمر الواقع فيه وهما واحد، أو ظرف لمضاف مقدر وقيل: {إِذْ} بمعنى أن المصدرية كقولك: أكرمتك إذ لم تكرمني فتكون بدلاً لا محالة. {مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً} شرقي بيت المقدس، أو شرقي دارها، ولذلك اتخذ النصارى المشرق قبلة ومكاناً ظرف أو مفعول لأن {انتبذت} متضمن معنى أتت.